وتقع منطقة الرحبة الزراعية شمالي العاصمة صنعاء وتمتد عبرها قناة الصرف الصحي الذي عمل السكان على استثمارها في ري وزراعة المحاصيل لأغلب سكان البلاد، وتسببت بكارثة بيئية تنذر بعقاب جماعي لملايين اليمنيين.
وتعد منطقة الرحبة من أكبر المناطق المنتجة للخضروات في اليمن، والتي تغذي اكثر من 80 بالمائة احتياجات الأسواق في كافة المحافظات، خضروات يحفها المخاطر جراء سقيها بمياه عادمة، في حين يواجه المزارعون مؤخراً اجراءات عقابية وتكدس هذه المحاصيل، حسب المزارع على احمد.
وعملت السلطات في 4 ابريل 2019م، على منع دخول الخضروات المنتجة والمروية بمياه المجاري أو المياه الراكدة في شمالي صنعاء، لتجفيف منابع انتشار وباء الكوليرا الذي تتصدره العاصمة بأعلى معدل للوفيات بهذا الوباء الفتاك.
أمر واقع
بلهجة يغلب عليها الحزن الشديد يضيف محمد"الأمراض والأوبئة الفتاكة منتشرة بشكل كبير في أوساط السكان نتيجة سقي المزارعين في المنطقة بمياه الصرف الصحي غير المعالجة والآتية من مديريات العاصمة صنعاء، بينما لا تجاوب ولا اكتراث من قبل السلطات لأنهاء فصول من معاناة الناس المستمرة لعقود".
يتابع المتحدث" نحن نعاني كما يعاني الآلأف من سكان المنطقة من الروائح الكريهة (غاز الميثان) والمنبعثة من محطة معالجة الصرف الصحي الشبه متوقفة، وتصلب التربة الزراعية، وانتشار الذباب والبعوض الناقل للأمراض، فضلاً
يتحدث حسين صالح مستسلماً لهذا الواقع قائلاً"أصبح أمراً واقع علينا أن ننتج ونأكل من هذه المحاصيل، لنثبت للناس أنه لسنا جزء من هذه المشكلة وهو بمثابة عقاب لأنفسنا أولا كجميع الناس التي تصل اليهم هذه المحاصيل المنتجة من الوحل والذي يمتد على طول هذه المنطقة المنكوبة".
ويقوم المزارعون بمد خراطيم الراي والمساعدة بمولدات لدفعها نحو أراضيهم الزراعية على طول ممر قناة الصرف الصحي القادمة من العاصمة صنعاء والتي تتوسط المنطقة وتقسمها إلى نصفين على امتداد نحو 20 كيلو متر.
ويضيف المزارع أحمد، بلهجة غضب "أمانة العاصمة في الفترة الأخيرة قامت بإجراءات صارمة وتعسفية بعد الحديث عن أن وباء الكوليرا المنتشر جاء من منطقة بني الحارث جراء السقي بالمياه العادمة، هذه السلطات تعمل على قطع أرزاق المئات من المزارعين المعتمدين بشكل أساسي على هذه المحاصيل".
عقاب جماعي
ولم ينكر المزارعون وجود أمراض كثيرة منتشرة في المنطقة، لكن الحلول أولا تأتي من ايجاد بديل للناس من أجل عدم الرى بهذه المياه التي أثرت على الإنسان والحيوان والأرض، وليس العقاب الجماعي لمنع دخول هذه المحاصيل ألى الأسواق أو فرض جبايات إضافية للحد من هذا العقاب، كما يقول المزارعين هناك.
وتقع محطة معالجة مياه الصرف الصحي على بعد أمتار من هذه المنطقة التي يفيد أحد السكان انها شبه متوقفة أو تعمل بنصف طاقتها نتيجة زيادة تدفق مياه الصرف من العاصمة صنعاء كما أن معداتها وأدواتها قديمة وتحتاج أيضا إلى توسعة، حتي تستوعب الكم الهائل للمياه الواصلة إليها.
وقال مصدر مسؤول في مؤسسة المياه - الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي - فضل عدم ذكر اسمه أن هناك تجاهل ونهب للمؤسسة وعدم وجود نفقات تشغيلية فضلاً عن توقف مرتبات الموظفين جراء الصراع الدائر منذ خمس سنوات وهو الأمر الذي أعاق أي حلول قد تعمل على إنهاء معاناة المنطقة والناس هناك.
ويؤكد الخبير الزراعي اسماعيل عبدالوالي، على أن المخاطر جراء ري المزارعين بمياه الصرف الصحي ستهدد السكان والأجيال القادمة وعلى جودة التربة التي تتعرض للتملح والبوار، وقلة الخصوبة، كما أن معاناة المستهلكين والقاطنين في المنطقة تكمن في انتشار الروائح الكريهة الناتجة عن الصرف وكذلك جيوش البعوض والحشرات الضارة التى تهاجم الأهالى وتحول حياتهم إلى جحيم.
وتمتد هذه المنطقة الخضراء المزروعة بمياه الصرف الصحي المتدفق من امانة العاصمة، عشرين كيلو متر من مطار صنعاء الدولي حتى منطقة جبل الصمع المحاذي لمديرية ارحب، وأغلب السكان أصبحوا مزارعين يعتمدون على المياه العادمة على امتداد هذه القناة الطولية.
وتابع الخبير الزراعي، أن لا حل أمام هؤلاء المواطنين المزارعين إلا حماية انفسهم بأنفسهم لأن الحلول الآنية تكمن في تعقيم الخضروات النيئة جيداً بالماء ثم نقعها بالخل الأبيض.