تسائل مراقبون: هل سيشكل ذلك إحراجا كبيرا لواشنطن التي تتزعم منذ سنوات حربا مفتوحة ضد عناصر التنظيم المتطرف؟.
تحاول الإمارات تقديم نفسها لدى دول الغرب، خاصة الولايات المتحدة، بأنها شريك فاعل في الحرب على ماتعتبره "الإرهاب" لتساعدها في تحقيق تطلعاتها لقيادة الخليج والمنطقة العربية.
لكن سجلها لا يؤهلها للعب هذا الدور. في عام 2004، أدلي جورج تينيت، مدير المخابرات الأمريكية (السي آي إيه) في ذلك الوقت بشهادة أمام هيئة التحقيق في هجمات الحادي عشر من سبتمبر، قال فيها إنهم اضطروا لإلغاء ضربة جوية ضد أسامة بن لادن لأنه، "كان من الممكن أن تبيد نصف العائلة الحاكمة في الإمارات العربية المتحدة لو نفذت الهجوم"، وذلك في إشارة إلى مشاركة أفراد من العائلة الحاكمة في الإمارات المخيمات التي كان يقيمها الجهاديون العرب بين أفغانستان وباكستان.
كما ان الأمريكيين لا ينسون بأن الجنسية الثانية لمنفذي هجمات الحادي عشر من سبتمبر على برجي مركز التجارة العالمي هم من الإماراتيين.
ويرى كبير الباحثين في معهد كيتو بأمريكا، دوغلاس بانداو أن موقف واشنطن تجاه الإمارات والسعودية سيتغير عندما ترى أن الدولتين المحسوبتين على أنهما حلفاءها تدعمان من تحاربه في اليمن كالقاعدة وربما يؤدي إلى تقليص دعمها للدولتين.
وسبق لتقرير أمريكي التشكيك في قدرة القوات الإماراتية القضاء على تنظيم القاعدة في محافظة شبوة.
واستبعد التقرير الصادر عن معهد المشاريع الأمريكي قدرة القوات الإماراتية والتي تحظى بدعم لوجستي أميركي على إزالة الملاذات الآمنة للتنظيم في المحافظة بشكل دائم.
في محافظة حضرموت المجاورة لشبوة، كانت الإمارات قد تصدرت قبل نحو عام ونصف مهمة التصدي لعناصر تنظيم القاعدة وانتهت العملية العسكرية بانسحاب تكتيكي للقاعدة من المكلا عاصمة المحافظة.
وأحيطت العملية بالشكوك والارتياب أيضا. تسائل مراقبون فيما إذا كانت هناك صفقة بين الإمارات والتنظيم. وقد شبه ناشطون العملية بكونها تغيير مواقع وتبادل أدوار تبدو أشبه بلعبة شطرنج.
أبعذ من ذلك، كان مسؤول أمني قد كشف في تصريحات صحفية بأن الأسلحة الإماراتية التي وزعت على مليشيات في الجنوب وصلت إلى عناصر تنظيم القاعدة.
وأوضح المسؤول ان قطع السلاح وصلت إلى بعض عناصر القاعدة بطريقة غير مباشرة بحكم اختراق القاعدة لبعض المليشيات السلفية التي سلحتها الإمارات في عدن.
وقال المسؤول ان أبوظبي سلحت خلال الفترة الماضية مجاميع مسلحة مختلفة التوجهات لغرض إطالة أمد النزاع في الجنوب، وأعطت أسلحة لمجاميع سلفية وللحزام الأمني بصورة خارجة عن التنسيق مع الحكومة الشرعية.
مؤكدا ان معارك الإمارات في الجنوب ضد تنظيم القاعدة هي معارك وهمية، حيث ينسحب التنظيم قبل دخول القوات التابعة للإمارات، ويختفي معظم عناصره من المشهد فيما يتم السماح لهم بالانسحاب بعرباتهم العسكرية إلى الجبال أو الصحراء، دون استهداف، كما حصل في شبوة وحضرموت.
وفي مكان غير بعيد. في محافظة تعز، أوضحت وثيقة لجنة الخبراء الأممية أن الإمارات تدعم جماعة "أبو العباس" المتحالفة مع تنظيم القاعدة.
وأكدت تقارير محلية عديدة ان الحرب في المدينة عززت نفوذ "أبو العباس" وفصيله المسلح الذي يمتلك مدرعات عسكرية متطورة حصل عليها من الإمارات.
وقال ناشطون ان التحالف حين أعلن معركة تحرير تعز شرع بواسطة الإمارات بدعم جماعة أبو العباس بالتوازي مع الجيش الوطني، لكن الأمر لم يوقف عند تقديم الدعم مناصفة، بل تجاوز ذلك لاحقا وأصبح كل الدعم المقدم ماليا وتسليحا وتغذية للجيش يمر عبر أبو العباس.
وفي تصريح سابق، أشاد وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية أنور قرقاش بالجبهة الشرقية ودورها القتالي.
ويرى مراقبون ان ما تقوم به الإمارات تحت شماعة "الإرهاب"، يأتي بدافع تحقيق هدفين رئيسيين، الأول، ترسيخ نفوذها السياسي والعسكري في تلك المناطق والسيطرة على منابع النفط والغاز والملاحة الدولية والمناطق الحيوية، بما يضمن مصالحها، وكذا تصفية المعارضين لنفوذها بذريعة الحرب على الإرهاب.
والهدف الثاني، هو تقديم نفسها لدى دول الغرب، خاصة الولايات المتحدة، بأنها شريك فاعل في الحرب على "الإرهاب"، لتساعدها في تحقيق تطلعاتها لقيادة الخليج والمنطقة العربية، والتغاضي عن سجلها الأسود فيما يتعلق بانتهاكاتها لحقوق الإنسان، بذريعة أن من يتعرضون للتعذيب في سجونها ليسوا سوى إرهابيين.
وكانت تقارير حقوقية أخيرة قد كشفت عن عمليات تعذيب وحشية في سجون سرية تشرف عليها الإمارات في جنوب اليمن، ومشاركة أمريكيين في عملية استجواب بعض المعتقلين.
وحذر المسؤول السابق في وزراة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، ريان غولدمان، من تعرض الولايات المتحدة لملاحقة قانونية دولية، بسبب دعمها للعمليات العسكرية الإماراتية في اليمن.
وطلبت لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي من وزارة الدفاع البنتاغون إجراء تحقيق في اتهامات التعذيب وانتهاكات حقوق الانسان في السجون المذكورة.
وطلب السيناتور ماكين وريد من وزير الدفاع إصدار تعليمات بإجراء تحقيق فوري لكشف الحقائق عن اتهامات المعاملة السيئة والدعم الأميركي للقوات الإماراتية واليمنية المشاركة في عمليات التعذيب.
وفي إشارة إلى قدراتها العسكرية يطلق بعض المسؤولين العسكريين الأمريكيين على الإمارات اسم "اسبرطة الصغيرة" وهو البلد القديم الذي اشتهر بقوته العسكرية.
لكن الأمر لا يخلو من تعليقات ساخرة للصحافة الأمريكية خاصة عندما تحاول "الإمارة الصغيرة" التصرف بعيدا عن التفاهمات المسبقة مع الإدارة الأمريكية كما حدث في ليبيا عندما شنت طائراتها غارات على مواقع لتنظيم الدولة في سرت.
وصحيح ان الإمارات أصبحت في السنوات الأخيرة من أكبر الدول انفاقا على لوبيات في واشنطن. لكن الصحافة الأمريكية لا ترحم وشديدة القسوة حين تكشف فضائح حلفاء واشنطن في المنطقة العربية.