هكذا قال عدنان عبدالله شرف وهو موظف حكومي يمني، كان يبدو عليه كثير من التعب والبؤس وهو يتحدث لموقع "بلقيس نت" عن كيف يعد لاستقبال العيد وما الذي يفكر بتقديمه لأولاده من أجل الابتهاج بعيد الفطر.
ما ذنب الأطفال
أضاف عدنان وبحزن أن مبلغ 25 ألف ريال كل ما كان يملكه لشراء ملابس العيد لأطفاله، وهذا المبلغ وفرته زوجته التي غادرت صنعاء نحو بلدتهم الريفية بمحافظة تعز، جراء توقف راتبه الحكومي وعجزه عن سداد إيجار السكن الذي كان يقطن فيه إضافة إلى عجزه عن توفير مصاريف الأسرة.
وختم عدنان حديثه بالقول: زوجتي بعد مغادرتها صنعاء باعت آخر ذهب تملكه واشترت "ماعزين" صغيرين وأعتنت بهما وقبل باعت واحد منهم بـ 20 ألف وأرسلته له لشراء ملابس للأطفال لكن المبلغ لم يكفي إلا لثلاثة فقط.
تنهد عدنان وغادر وهو يردد ما ذنب الأطفال يُحرمون حتى فرحة العيد.
لن أخرج بالعيد
ولا يختلف حال الطفل معاذ هاشم ذو الـ9 أعوام عن طفلي عدنان الذي عجز عن توفير ملابس لهما.
والد معاذ موظف حكومي ويعيش حالة تقشف قاسية وما يكسبه من جمعه لمخلفات النفايات بالكاد يفي لتوفير وجبتين باليوم لطفله معاذ وزوجته ووالديه وتسديد إيجار الدكان الذي يقيمون فيه.
كان الطفل معاذ يبكي بحرقة بعد فشل والده في شراء ملابس العيد له والذي أكد لـ "بلقيس" والدموع تبلل خديه أنه لن يخرج يوم العيد ولن يلعب مع الأطفال لأن والده لم يشتري له ملابس جديدة.
أباء وأمهات أكدوا لـ "بلقيس" أنهم لم يستطيعوا شراء ملابس العيد إلا لأطفالهم الذين تقل أعمارهم عن 10 سنوات أما البقية لم يستطيعون أن يشترون لهم.
أغلقوا أبواب الخير
وبلهجة مشوبة بالتوتر والقلق يقول فتحي إسماعيل وهو يقلب نظره بالأفق لدي طفلين وأقسم بالله أني عاجز عن شراء ملابس العيد لهما، فأنا بلا عمل منذ فقدت عملي شيف مطبخ قبل ثلاث سنوات.
يكتم أنفاسه بحسرة ويذكر أنه في الأعوام السابقة كان فاعلي الخير كثير، وهذا العام أفضل فاعل خير إن تكرم يعطيك مبلغ 5 ألاف ريال بعد متابعة طويلة.
يضيف فتحي لـ "بلقيس" الحوثيون أغلقوا كل الأبواب وعلى سبيل المثال: طلبوا من تجار الأدوية مبلغ 5 ألاف دولار على كل صنف ومن يرفض يأخذونه أو أحد أقاربه ويسوقونه إلى الجبهة، وتحت هذا الضغط رضخ تجار الأدوية للأمر وأوقفوا ما كانوا يتصدقون به على الفقراء.
تدني القوة الشرائية
أصحاب بسطات وعمال في معارض لبيع الملابس بالعاصمة صنعاء أكدوا لـ "بلقيس" أن القوة الشرائية انخفضت هذا العام بنسبة 30 بالمائة عن العام الماضي لترتفع النسبة الكلية للتراجع إلى حوالي 65 بالمائة.
وأكد قائمين على مراكز تجارية بالعاصمة صنعاء أنهم بسبب المبالغ والإتاوات المفروضة عليهم من قبل الحوثيين قصمت ظهورهم فأضطروا لاستيراد سلع مقلدة ورديئة أسعارها منخفضة ورغم ذلك الإقبال متواضع.
لا إعلانات تسويق
مهتم بالشؤون الاقتصادية طلب التحفظ على اسمه، قال لـ "بلقيس" انظر إلى اللوحات المخصصة للإعلانات التجارية على امتداد شوارع صنعاء، خالية من إعلانات تسويق منتجات وملابس العيد، ولا يوجد غير إعلان تسديد الزكاة عبر البريد، هذا مؤشر على تدني كبير في الحركة التجارية و عجز التجار عن دفع تكاليف الإعلانات، يقابل ذلك تدني القوة الشرائية والتي وصلت إلى ذروة مستوياتها.
يضيف: إلى ما قبل الحرب كان التجار يتسابقون على حجز المساحات الاعلانية مقابل مبالغ باهظة، ومع نشوب الحرب تلاشى التنافس شيء فشيئا إلى أن صار كما ترى، لا وجود للاعلانات وفي أحد أهم المواسم.
وحسب أخر تقرير للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، الحرب الدائرة في اليمن منذ 2014 تسببت في تراجع التنمية البشرية بمقدار 20عاما، وستكون لها آثار سلبية واسعة النطاق تجعل اليمن من بين أكثر النزاعات تدميرا منذ نهاية الحرب الباردة.
ويتوقع التقرير أنه إذا ما انتهى الصراع خلال عام 2019، سيبلغ إجمالي الخسائر الاقتصادية حوالي 88,8 مليار دولار. ويعني ذلك انخفاضا قدره 2000 دولار في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي.
ويشير التقرير إلى أن أكثر 71% من سكان اليمن يعيش فقر مدقع، فيما يعاني 84% منهم من سوء التغذية، وإذا استمرت حتى 2030 سيبلغ إجمالي الخسائر الاقتصادية حوالي 657 مليار دولار، أي فقدان 4,600 دولار من نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي، وستزداد الوفيات غير المباشرة الناجمة عن نقص القدرة على شراء الأغذية ونقص الرعاية الصحية وخدمات البنية التحتية، حتى تزيد عن خمسة أضعاف الوفيات المباشرة.