ثمانون بالمائة من الأراضي اليمنية طُرد منها الانقلابيون لتدخل تحت نفوذ التحالف ووكلائه الذين حولوها إلى معتقل كبير وبيئة خطرة وطاردة وغير مستقرة وتئن تحت وطأة معيشية صعبة.
حربُ التحالف تمضي بوتيرة تثير الإحباط فيما تشير أهدافها الجديدة إلى تحول في المسار لا يمكن فهمه، فمن من دعم للشرعية إلى استهدافها وإنهاء وجودها ووضعها قيد الإقامة الجبرية في الرياض.
أعداء حرب التحالف تبدلوا صار علي عبد الله صالح المقتول بسلاح الحوثيين وأنصاره حلفاء وأصحاب مسار مستقل في الحرب مدعومة بكل الإمكانيات من التحالف، فيما استحوذ الحوثيون على صنعاء، وها هو المجتمع الدولي ينصبهم شركاء وحيدين في الجهة المقابلة من الحرب، في إطار التسوية السياسية المقبلة.
يستند الحوثيون إلى تركة صالح السائبة من الأنصار القبليين الذين لا يزال في ميدان السبعين متسعاً لهم ولصراخهم ولشعاراتهم المحمولة بأحلام الحوثيين في السيطرة على البلاد.
وفي الطرف المقابل وُضع حلفاءُ التحالف في اليمن وفي الإقليم في مرمى حرب هذا التحالف وعلى لائحة أهدافها، في تحول يبدو حصاده مراً على التحالف نفسه قبل اليمن المنكوب.
فها هي الرياض عاصمة التحالف ومعها مدن أخرى رئيسية في المملكة، دفعةً جديدةً من الصواريخ البالستية التي أطلقها المتمردون الحوثيون في مهمة لا تخلو من الدلالة، فقد أرادوا على ما يبدو إعادة تصدير مشهد الضربة الأولى إلى عمق المملكة ومركز قرارها هذه المرة، لتبقى مثلها مثل مدن اليمن المنكوبة في مرمى صواريخ هذه الحرب وشظاياها وفواجعها.
أطلق الحوثيون صواريخهم في الذكرى الثالثة للحرب، دون أن يلتفتوا إلى المبعوث الجديد للأمم المتحدة الموجود حالياً في صنعاء الذي وُضع في موقف لا يحسد عليه، لكن لا شيء يمكن أن يحدث في ظل هذا التبدل في قواعد اللعبة والحرب والأهداف، لتبدو الحرب قذرة وغاشمة وبلا أفق أكثر من أي وقت مضى.
جاءت حرب التحالف في اليمن إسناداً أخوياً لسلطة شرعية ضد طرف متمرد، أما اليوم فإنها تتكرس باعتبارها مواجهة بين الرياض وطهران، على الأرض اليمنية.
في وقت يمضي فيه تحالف الرياض أبوظبي إنجاز مخطط تفكيك اليمن وتفتيت الشرعية وتنصيب لاعبين جدد في شكل ميلشيات انفصالية مدججة بالأسلحة، لا تختلف في ملامحها وأهدافها الانقلابية عن الحوثيين.