وفي ظهيرة ذلك اليوم، شيع اليمنيون في صنعاء جثمان العميد حميد القشيبي قائد اللواء 310 مدرع، وبنفس اليوم ذاته، أطلق هادي من مدينة عمران عبارته الشهيرة "عمران عادت إلى حضن الدولة"، فلم تعد عمران، ولكن ذهبت الدولة بأكملها.
الخيانة الأولى
خمس سنوات منذ زيارة هادي باتت كافية اليوم لمراجعة سياسة القائد وتفسير تلك العبارة الشهيرة التي أطلقها آنذاك مضللا فيها الرأي المحلي والدولي، وبدا جزءاً من مخطط انقلاب، لا قائداً لجمهورية مهددة بالسقوط.
ما حدث في عمران فسر حينها بأمرين اثنين لا ثالث لهما، إما العجز أو الخيانة، وهو ما جعل اليمنيين يدفعون أثمانه حتى اللحظة.
تغاضي الرئيس هادي والجيش حينها عما يحدث في عمران لم يكن واضحاً ولا مبرراً، فشهادات الضباط لاحقاً أكدت أن قيادة وزارة الدفاع لم تقدم أي إسناد معنوي أو دعم عسكري، رغم الطلبات التي تم رفعها من اللواء الذي تم حصاره لأكثر من ثلاثة أشهر من قبل الحوثيين، وترك يواجه مصيره المحتوم مع سبق الإصرار والترصد.
وزير الدفاع آنذاك، اللواء محمد ناصر أحمد، كان أبرز المتواطئين مع المليشيا، غير أن الأصوات حينها ارتدت إلى صدر الرئيس هادي، المسؤول الأول عن الخيانات التي حدثت في ذلك الوقت.
مسلسل تسليم الدولة لم يكن جهداً محليا فحسب، فالسعودية والإمارات كانتا عنصرين أساسيين في إخراج هذا المسلسل بشكل مباشر، أما الدول الكبرى فيعرف الجميع أنها غضت الطرف عن تلك الاحداث، وكل له أهدافه الضمنية.
اليوم وبعد خمس سنوات من انهيار البلد واختطافها، هل يبدو أن اليمنيين استوعبوا الدرس من خلال إدارة معركتهم ضد الانقلابيين؟
خيانة كبيرة
تحدث عضو مجلس النواب عبدالكريم الأسلمي لبرنامج المساء اليمني قناة بلقيس مساء أمس الثلاثاء، ووصف ما حدث في عمران قبل خمس سنوات بـ"الخيانة الكبيرة"، مضيفا أن "اللواء 310 وقائده العميد حميد القشيبي كان السد المنيع وحجر العثرة أمام الحوثيين، ووقف وقفة حقيقية في وجه الحوثي وأطماعه، ولم يستطع الحوثي فعل شيء إلا بالخيانة".
وأوضح الأسلمي بأن الجميع تآمر على القشيبي دون استثناء، وتركوه وحيدا وقطع عليه كل الامدادات، ورغم ذلك قتل بعد وساطة رئاسية.
واسترجع الأسلمي تداعيات سقوط محافظة عمران، لافتا إلى أن سقوط العاصمة صنعاء لم تكن إلا نتيجة طبيعية ومنطقية من نتائج سقوط عمران، والجمهورية كذلك سقطت تماما يوم سقوط عمران، ودخل الشعب في مرحلة النزوح واللجوء والتشرد من يومها.
وأردف إلى أن مؤسسات الدولة من يومها بدأت في الانهيار، والاقتصاد اليمني بدأ ينهار، وتوقفت الحكومة عن تقديم خدماتها، وتبع كل ذلك دخول اليمن تحت البند السابع لمجلس الأمن ومظلة الأمم المتحدة، وآخرها تدخل التحالف على الخط، واصفاً ذلك اليوم بـ "اليوم الأسود والكارثة على الشعب اليمني".
تمدد الحوثي
وعن عوامل وصول مسلحي الحوثي إلى عمران، قال الأسلمي إن الحوثي استفاد من رغبة الرئيس السابق صالح في قضية الانتقام ممن ثاروا عليه في ثورة فبراير، ومن تخاذل القيادة السياسية والعسكرية في عدم مواجهته، ومن ضعف الأحزاب السياسية وقادتها، ووصل الحال ببعض الأحزاب إلى التواطؤ التام والتماهي مع حركة الحوثي، واعتبروا الأمر على أنه صراع بين جماعتين.
وعلى عكس ذلك؛ وصف الخبير العسكري حسين العمري ما حدث في عمران بأنه "تخاذل وتهاون ولا يرتقي إلى مستوى الخيانة، وكل ذلك نتيجة المماحكات السياسية بين أحزاب اللقاء المشترك وبين حزب المؤتمر الشعبي العام".
واتفق العمري مع ما طرحه الأسلمي حول تآمر وتخاذل الجميع على العميد القشيبي، واتاحوا للمليشيات القضاء على اللواء 310 مدرع الذي كان يعتبر صمام أمان للبوابة الشمالية للعاصمة صنعاء في وجه تمدد المليشيات الحوثية القادمة من صعدة، بحسب العمري.
وخلافا للطرح السابق، أوضح الأسلمي أن ما حدث لم يكن نتيجة مماحكات سياسية أو صراع بين طرفان مسلحان، وإنما كان الموضوع مرتب ومتآمر عليه مسبقاً ليس داخلياً فقط، بالنسبة للحوثي كان بترتيب ورضاء اقليمي، وكان له سقف محدد ومرسوم، وعند تجاوز هذا السقف تدخل التحالف.