يقول تقرير صدر حديثاً عن موقع "درج" إن السعودية تدفع المال لرجال الدولة المقيمين في الرياض، لتأخذ مقابل ذلك أرواح آلاف الشباب في حدودها الجنوبية المتاخمة لليمن.
باب الموت
أغلقت السعودية كل أبوابها أمام اليمنيين وفتحت باب الموت على الحدود، ويساعدها في هذه المهمة مسؤولون يمنيون يحصلون على دخل مربح من هذه التجارة القاتلة.
بحسب التحقيق، فإن مساعد القنصل يعترف بأنه يصدر وثائق سفر اضطرارية لدخول الجنود، وهي مخالفة قانونية، إذ يفترض أن وثيقة السفر الاضطرارية أو “وثيقة المرور”، تمنحها القنصليات لمن فقدوا جواز سفرهم، وذلك للسماح لهم بالمغادرة إلى اليمن لمرة واحدة.
يذهب الشباب اليمني، الهارب من جحيم الحاجة في بلاده، إلى الموت في ظروف مأساوية على أراضي الآخرين.
تستمر محرقة اليمنيين على الحدود السعودية، وتتسع دائرة الانتقاد والشهود معاً، وسط تصاعد الأصوات المطالبة بإيقاف هذه الجريمة، التي التهمت المئات من شباب البلد في عدد من المناطق الحدودية، فيما السعودية ماضية في مشروعها لتقسيم اليمن وجعله أثراً بعد عين.
الصحفي غمدان اليوسفي، وهو الصحفي الذي قام بالتحقيق الاستقصائي حول العبور إلى الموت عبر بوابة السعودية، قال إن دوافعه للعمل على هذا التحقيق هو من جانب كونه صحفي ما زال يمارس مهنة الصحافة، ولسبب آخر هو بعد أن يصل الضرر بالصحفي إلى منطقته وأقاربه، وهو ما استدعاه في هذا التقرير للبحث عن التفاصيل، لأن هناك نقاش سطحي للقضية.
تسهيلات رسمية
وسرد اليوسفي، خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" على قناة بلقيس مساء أمس، بدايته في عمل التقرير، حيث قال إنه ومن خلال التواصل مع أحد أقاربه المقرر ذهابه للحدود السعودية، وبعد تكوينه للصورة حول: ما الذي يحدث لهؤلاء الشباب هناك، سأل هذا الشاب عن كيفية وصوله إلى منفذ الوديعة(وهو منفذ حدودي بين اليمن والسعودية) وتجاوزه الأراضي اليمنية إلى الأراضي السعودية بهذه السلاسة.
وهذا الشخص سبق وقد رُحل من السعودية وعليه بصمات منذ سنوات( حسب النظام السعودي لا يسمح بدخول الشخص الذي سبق وبصم، بما يعني عدم عودته للسعودية)، أجابه الشخص بأن هناك مسؤولين يمنيين في منفذ الوديعة يقومون بختم أوراق ويتم دخولنا بكل بساطة.
وتابع اليوسفي: استمريت في البحث عن فحوى هذه الأوراق أو الوثائق حتى وصلت إلى أحد الأشخاص داخل الجبهة وأرسل له وثيقته، وبُني التقرير عليه، دون ذكر اسمه الحقيقي.
وحول ما إذا كان توصل في التقرير إلى عدد المجندين في الحدود السعودية، قال اليوسفي إنه ليس هناك عدد حقيقي، لأن عدد المجندين في ازدياد بشكل يومي كأن الأمر أشبه بالتجارة وحسب ما سيأتي به السماسرة.
لافتا إلى أن مدينة مأرب (شمال شرق)، هي محطة تجمع وانطلاق هؤلاء المجندين، حيث يتم تجميعهم في مأرب، ومن ثم إرسالهم إلى الوديعة، وفيها يتم توزيعهم على مؤخرة عدد من الألوية العسكرية المتواجدة في منفذ الوديعة، ويخضعون لتدريبات قليلة، وبعد ذلك يذهب بهم إلى الجبهة.
الاستغلال المادي
من جهته؛ الصحفي يونس عبدالسلام قال إن ثمة رمال متحركة في الحد الجنوبي للملكة العربية السعودية تلتهم شباب منطقته ومديريته في ريف مدينة تعز منذ سنتين وحتى اليوم.
وحول كيفية استقطاب هؤلاء الشباب، أوضح عبدالسلام أنه يتم استغلال حاجة الشباب المادية بسبب الأوضاع الناجمة عن الحرب الدائرة في البلاد إلى مدينة مأرب ومن ثم يذهبون إلى المجهول، وبعد أشهر يتواصلون مع أهاليهم بأنهم مجندون في الحدود، وبعد فترة يتم إبلاغ أهاليهم بأن أبنهم قتل.
موت بدون جثث
مضيفا أن جثث هؤلاء الشباب لا تعود إلى ذويهم لصعوبة الأمر، وإنما يتم إبلاغهم تلفونيا بدون تقديم أي معلومات إضافية حول مقتل أبنائهم ومكان دفنهم، ويقومون بأرسال مبالغ رمزية إلى أهاليهم، وأنتهى الأمر.
وشرح عبدالسلام قصة مقتل أو تصفية الشاب الخامس من أبناء منطقته مؤخرا، حيث قال إن هذا الشاب فكر بالعودة من جبهة الحدود مع مجموعة من الشباب بعد دعوة قائد مقاومة تعز حمود المخلافي شباب المدينة بالعودة من الحدود السعودية لتحرير مدينتهم، وقاموا بتصفيته من الخلف وإخفاء رفاقه البالغ عددهم عشرون فرداً.
بدوره؛ المحامي والناشط الحقوقي عبدالرحمن برمان قال إن هذا الأمر لا يجب السكوت عليه ويجب أن يكون هناك تحقيقات رسمية حول الأعداد التي تم تجنيدها وكشف القتلى الذي قتلوا وتوضيح أنواع المعاملة التي يتلقوها المجندين هناك.
وعن الآثار القانونية حيال ما يحدث، أوضح برمان إلى أن الحكومة اليمنية المعنية أولاً بالحفاظ على مواطنيها وعدم المتاجرة بهم، مشيرا إلى تورط الجانب الحكومي والقنصلية اليمنية في جدة في عملية نقل الأشخاص إلى مناطق الموت من خلال تسهيل عبورهم ودخولهم الأراضي السعودية.