وأطلق موظفون وناشطون يمنيون، منتصف شهر مايو الجاري، حملة على مواقع التواصل الاجتماعي للمطالبة بصرف رواتبهم تحت وسم #أشتي_راتبي (أريد راتبي).
ويبلغ إجمالي عدد موظفي الدولة نحو 1.2 مليون موظف، منهم نحو مليون موظف يتركزون في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فيما لا يتجاوز عدد الموظفين بمناطق الحكومة الشرعية 200 ألف موظف يستلمون رواتبهم بانتظام.
وقالت الموظفة نور سلام: "منذ عشرين شهرا ونحن بدون رواتب، كبرت المعاناة وزادت الأوجاع، وبمناسبة رمضان أعلن الحوثيون أنهم سيسلموننا نصف راتب، فقط نصف راتب لعشرين شهرا، لا الحكومة الشرعية سلمت الرواتب ولا الحوثيين في صنعاء يهتمون".
ويعاني اليمن من انقسام المؤسسات المالية وسط الحرب الدائرة منذ ثلاث سنوات، حيث احتفظت جماعة الحوثيين بفرع البنك المركزي في العاصمة اليمنية وحولته إلى مصرف مركزي لمناطقها، بعد قرار من الحكومة الشرعية بنقل المقر الرئيسي للمصرف المركزي وإدارة عملياته إلى العاصمة المؤقتة عدن (جنوب البلاد)، في 18 سبتمبر/ أيلول 2016.
لكن البنك المركزي كان قد وصل إلى مرحلة العجز عن صرف رواتب موظفي الدولة بحلول شهر أغسطس/ آب 2016، أي قبل شهر ونصف من قرار نقله، حيث تم استنزاف كامل الاحتياطي النقدي من جانب الحوثيين، والبالغ 4.5 مليارات دولار مطلع عام 2015، ولم يبق منه سوى 700 مليون دولار من وديعة سعودية بمبلغ مليار دولار، وفق الحكومة الشرعية.
وعقب قرار الرئيس اليمني نقل إدارة عمليات البنك المركزي، تعهدت الحكومة للمؤسسات الدولية بصرف رواتب جميع موظفي الدولة في كافة المحافظات بما في ذلك مناطق الحوثيين، لكنها اشترطت عقب ذلك تحويل الإيرادات من صنعاء إلى البنك المركزي في عدن.
وطلبت الحكومة اليمنية المعترف شبها دولياً، نهاية مارس/ آذار 2017، من الأمم المتحدة التدخل بالضغط على جماعة الحوثيين لتحويل الإيرادات من مناطق سيطرتها إلى البنك المركزي في عدن.
وحمل الخبير الاقتصادي اليمني مصطفى نصر، الحكومة الشرعية وجماعة الحوثيين مسؤولية المأساة الإنسانية المترتبة على توقف الرواتب منذ عشرين شهراً.
وقال نصر: أستغرب حالة التجاهل من قبل جميع الأطراف تجاه هذه القضية الإنسانية الخطيرة لنحو مليون موظف يعيلون نحو 6 ملايين فرد، ما تسبب في دخولهم دائرة الفقر الشديد، مشيراً إلى أن الوضع يزداد سوءا مع حلول شهر رمضان ومتطلبات الإنفاق لهذه الأسر.
وأوضح نصر أن هناك استغلالا من قبل الحكومة والحوثيين لحالة الحرب والامتناع عن حل الأزمات المعيشية بحجة أولوية الإنفاق على الأمن.
وترك توقف الرواتب تداعيات خطيرة على قطاعي الصحة والتعليم، ولا يزال نحو 30 ألف موظف من العاملين في القطاع الصحي بدون رواتب منذ أكثر من عام ونصف ومثلهم 166 ألف معلم في قطاع التعليم الحكومي.
وطالبت منظمة "أطباء بلا حدود"، في تقرير حديث، بتقديم الدعم المالي لموظفي الصحة الحكوميين دون تأخير من أجل تجنب المزيد من التدهور في الخدمات الطبية المنقذة للحياة في اليمن.
من جانبها، قالت ممثلة اليونيسف في اليمن ميرتشل ريلانيو، إن أكثر من 166 ألف معلم ومعلمة في 13 محافظة، أي قرابة 73% من إجمالي الكادر التعليمي في اليمن، بدون رواتب، ما يجعل تعليم ما يقرب من 4.5 ملايين طفل في 13 محافظة صعب المنال.
وطالب مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (مستقل)، أول من أمس، بسرعة دفع مرتبات الموظفين اليمنيين العاملين في القطاع المدني والذين يدخلون شهرهم التاسع عشر دون مرتبات، لا سيما العاملين في قطاعي الصحة والتعليم، والمؤسسات غير الإيرادية.
وذكر المركز أن الحد الأدنى للأجور في اليمن تراجع إلى أقل من 45 دولارا في الشهر، مقارنة بـ95 دولارا في السابق، أي أن الموظفين فقدوا أكثر من نصف دخلهم بسبب تراجع العملة، حيث تراجعت العملة بنسبة 143% منذ بدء الحرب في اليمن.
واستمر الريال اليمني في التراجع، بسبب الحرب المستمرة منذ قرابة ثلاث سنوات، وانقسام مؤسسات الدولة المالية بين عدن وصنعاء.
وتسارعت وتيرة تهاوي العملة اليمنية من 390 ريالا للدولار الواحد في أكتوبر/ تشرين الأول 2017 إلى 485 ريالا للدولار خلال مايو/ أيار الجاري، فيما يبلغ السعر الرسمي للعملة الأميركية نحو 380 ريالا، منذ منتصف أغسطس الماضي، بعد قرار البنك المركزي تحرير سعر الصرف. وينعكس التهاوي المتسارع للريال في ارتفاع قياسي لأسعار السلع الغذائية وتفاقم أزمات اليمنيين.