وتساءل هينسمان في مقاله قائلاً: كم من الأطفال الذين ما زال عليهم أن يُقتلوا ، وكم عدد المدافعين عن حقوق الإنسان ما زال عليهم أن يُرموا في السجون، وكم عدد الجلدات التي لم يتم ضربها بعد، كم يستلزم ذلك من وقت حتى يتكون لدى قادتنا ردة فعل؟
وأضاف هينسمان قبل ثلاثة أسابيع في اليمن حافلة قصفها التحالف الذي تقوده السعودية. قُتل 29 طفلاً وأصيب ثلاثون على الأقل. الصور تملأ الصحف: الغبار، الدم، نقالات، ملابس خشنة، أطباء مجهدين.
وتابع هينسمان: مرة أخرى، ما زالت عيوننا التي لم تعتد على الرعب الشديد من وفيات الأطفال تشهد سفالة هذه الحرب القذرة التي تشنها المملكة العربية السعودية منذ أكثر من ثلاث سنوات على اليمن. يحدث كل ذلك أمام أعيننا المشدوهة، وأيضًا أمام أعين قادتنا، الذين يواصلون بيع الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية رغم جرائم الحرب التي ترتكبها.
واستطرد في نص مقاله: كما لو أن قتل هؤلاء الأطفال لم يحدث، أو ليس له قيمة. ما الذي يجب أن يحدث لبلداننا لوضع حد لهذه التجارة الدامية؟ وما الذي يجب أن يحدث لضمان أن بلداننا، مثلما فعلت مؤخراً في كندا، قررت أخيراً إدانة الانتهاكات المشينة لحقوق الإنسان التي تقوم بها المملكة العربية السعودية؟
وذكر هينسمان: فلنتذكر أن هجوم 9 أغسطس يأتي في خضم أزمة دبلوماسية بين المملكة السعودية وكندا، التي "تجرأت" على المطالبة بالإفراج عن سجناء الرأي السعوديين وتواجه الآن إجراءات عقوبات صارمة من الرياض.
إن كان لا يزال من الضروري إظهار أن السعودية مستعدة للقيام بكل التجاوزات (وبالتالي تشكل شريكاً تجارياً غير مستقر!)، فإن هذه الأزمة توفر الدليل النهائي على ذلك. أرادت كندا إدانة حقيقة أن المملكة العربية السعودية قامت للتو بسجن اثنتين من المدافعات عن حقوق المرأة، سمر بدوي (شقيقة رائف بدوي، مدون محكوم عليه بالجلد 1000 جلدة و 10 سنوات في السجن بتهمة انتقاد السلطات) ونسيمة السادة.
ولفت هينسمان إلى أنه في الوقت الذي تحاول فيه المملكة العربية السعودية تحسين صورتها التقدمية، السماح للنساء بقيادة السيارة على سبيل المثال، فإنها تفقد مصداقيتها من خلال اعتقال النساء اللواتي ناضلن من أجل هذا الحق. كان لدى كندا الشجاعة لتقول بصوت عال ما يفكر فيه الجميع بصوت منخفض، وفي الوقت الحالي، لم تحصل إلّا على دعم ضئيل من الدول الأخرى أو الاتحاد الأوروبي، وبالتأكيد لم يكن الدعم علنياً.
وقال فيليب هينسمان إن قوة رد الرياض التي تواجهها كندا ستبرر رداً أقوى من المجتمع الدولي. بلجيكا لا تتردد في تقديم نفسها كتلميذ جيد لحقوق الإنسان ومدافعة عنها في مختلف الهيئات الدولية. في يونيو 2017، أصدر برلمانها الفيدرالي قراراً يدعو إلى فرض حظر على مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية. المناطق البلجيكية، المسئولة عن التصاريح لبيع الأسلحة، ليست ملزمة باتباع هذا القرار، ولكن لا يزال من الجيد أن بروكسل اتخذت في ذلك الوقت موقفا قويا وشجاعا.