بصوت خافت يصحبه أنين الألم جراء إصابة ناظم عبده ثابت بغارات التحالف السعودي الإماراتي على أحد السجون في مدينة ذمار الاسبوع الماضي تحدث لـ "بلقيس قائلاً": لا أدري ما الذي حصل بالتحديد، كل الذي أعرفه أنه عنما كنا جلوسا ونستعد للنوم عند الساعة 12 منتصف الليل، لم أسمع إلا لحظات من اقتراب صوت صاروخ وانفجار كبير في المكان الذي كنا فيه وتحديداً داخل العنبر الذي يحتوي على 100 شخص معتقل في الطابق الأول و 150 شخصا في الطابق الثاني.
يتابع ناظم: " أغمي عليَ ولم أتذكر ما حدث بعد تلك الغارة الى حين وصلت الى المستشفى بعد ساعات من القصف، حد قول ناظم"
ويضيف ثابت: "الصليب الأحمر كان قد زار المكان مرتين منذ اعتقالنا قبل ثلاث سنوات، لكنهم لم يعملوا أو يقدموا لنا أي شيء"
رعب وخوف
"عندما سمعنا استهداف طائرات التحالف لكلية المجتمع في ذمار تملكنا الرعب والخوف على إبراهيم المعتقل هناك" بهذا بادرنا زكريا هزاع الذي يلخص المعاناة التى عاشتها نحو 181 أسرة يمنية.
ويقول هزاع وهو أحد أفراد أسرة إبراهيم حزام العليمي لموقع بلقيس" أول ما سمعنا عن الغارات أبلغنا والده على الفور، الذي ذهب على وجه السرعة إلى المستشفيات التي استقبلت الجرحى والقتلى للبحث عن نجله، لكن دون جدوى ولم يحصل على أي معلومات، رغم إعلان الحوثيين عن دعوة الأهالي لتفقد أبنائهم الذين كانوا في المحتجز".
ويتابع هزاع بنبرة حزن، تمكن والد إبرهيم من التعرف على أحد أطباء المستشفى ليسأله عن مصير ولده وأدلى له بصوره لكي يتعرف عن طريقها إلى مصير إبراهيم، الذي أبلغه أنه ضمن القتلى وهو في ثلاجة المستشفى التي امتلأت بالأكياس الملطخة بدماء الضحايا.
وتمكن حزام من نقل جثمان نجله من مدينة ذمار إلى مسقط رأسه ليتم مراسيم دفنه في مديرية المعافر جنوبي مدينة تعز.
ومن وسط الأنقاض الخرسانية وأسياخ الحديد الصلب الملتوية انتشلت فرق الهلال الأحمر اليمني وفرق إنقاذ مجتمعية وبمساندة من اللجنة الدولية للصليب الاحمر، جثمان إبراهيم العليمي و 155 جثة أخرى على مدى أربعة أيام من البحث، ومن ثم وضعت في الأكياس البيضاء في مستشفيات ذمار في انتظار الأهالي للتعرف على ذويهم، كما تمكنت هذه الجهود من إخراج نحو 50 شخصا أصيبوا في الحادثة وتلقوا العلاجات اللازمة وعادوا إلى معتقلات أخرى تحت سيطرة الحوثيين.
وفي آخر حصيلة نشرتها وزارة الصحة الخاضعة لسلطة لمليشيا الحوثي في صنعاء فقد تم انتشال جثة 206 بين قتيل وجريح بسبع غارات جوية لطيران التحالف ليل السبت الاحد 1 سبتمر الجاري.
آخر اتصال
"كان تواصل إبراهيم بأسرته قبل نحو أسبوعين من قصف التحالف للسجن، حين طلب من والدته أن ترسل له ملابس ودقيق قمح ليطبخ هو وزملاؤه في المعتقل بعد مللهم من الأكل الذي يوفره لهم الحوثيون: حد تعبير زكريا.
واحتجز إبراهيم قبل عام عندما كان عائدا هو واحد أصدقائه الذين طلب منه مرافقته بعد شراء حافلة "باص" لنقل الركاب بين المدن اليمنية، أثناء عودتهم من محافظة مأرب الى محافظة ذمار.
وبحسب هزاع، فإن إحدى نقاط التفتيش - تابعة لمليشيا الحوثيين - في مدخل مدينة ذمار استوقفتهم وأجرت تحقيقات معهم ومن تم احتجزوهم ولفقوا لهم تهمة كيدية كالتي يستخدمونها لإلحاق الأذى بالمواطنين اليمنيين الذين يعملون على البحث عن لقمة العيش لهم ولأسرهم.
كانت هذه التهمة لإبراهيم وزميله الذي تمكن من الخروج قبل عدة أشهر بعد دفع فدية مالية باهضه للحوثيين، أنهم يعملون على جلب عناصر مقاتلة للانضمام مع القوات الحكومية في الحدود السعودية.
ويتحدث زكريا وهو يذرف الدمع حزناً على العليمي الذي أيضا طلب منه الحوثيون أن يدفع المال مقابل إخراجه من محتجزه، لكنه لم يستطع توفير هذا المبلغ، بينما عمل أهالي القرية على المساعدة في جمع المال ولم يستطيعوا الإيفاء بكامل المبلغ حتى جاءت الغارات وقطعت علينا أمل خروج إبراهيم.
وإبراهيم أبٌ لخمسة أطفال، عاشت أسرته عذاب الفرقة وألم المعتقل وغياب المعيل الذي يعمل ليل نهار لتوفير احتياجاتهم المعيشية، وتقطعت بهم سبل العيش الكريمة منذ احتجازه قبل عام تقريباً.
خالد حفيظ هو الآخر تحدث لـ"بلقيس" عن أخيه الذي أصيب في القصف، وقال"أحمد الله أنه كان يتحرك وسليم في المستشفى قبل نقله من قبل الحوثيين من معتقل مع بقية السجناء الى مكان آخر لا نعلم عنه شيئا"
وطالب خالد الصليب الأحمر بمتابعة حالات الجرحى في قصف التحالف والعمل على تيسير إطلاق سراحهم من سجون الحوثيين كونهم أبرياء وتم اختطافهم من منازلهم جميعا وهم ليسوا أسرى حرب.
وحملت الأمم المتحدة الطيران الحربي التابع للتحالف بقيادة السعودية، المسؤولية عن مقتل وإصابة عشرات السجناء في مدينة ذمار وسط اليمن، داعيا في بيان مشترك لمبعوث الأمم المتحدة مارتن جريفيث، ومنسقة المنظمة الدولية للشؤون الإنسانية ليز جراندي، الى فتح تحقيق مستقل.