لكنها ليست العقبات الوحيدة، إذ ان الشرعية مليئة ببؤر الفساد والتي ولدت عجزا كبيرا في الانجاز وفشلا ذريعا في مناطق سيطرتها.
قبل مقتله، كان صالح قد أعلن فض شراكته مع الحوثيين، ودعا الى الانتفاضة الشعبية ضدهم وذلك بعد عدة أشهر من الحرب الباردة بين الطرفين، حيث اندلعت مواجهات مسلحة على أوسع نطاق في مناطق نفوذه جنوب صنعاء.
وتاليا، انفردت مليشيا الحوثي بالوضع وسقطت كل أوهام القوة والزعامة الزائفة.
لا شك ان الحدث شكل صدمة قوية حتى لبعض القوى الإقليمية التي وضعته ضمن خطط أوراقها.
فضلت بعض قيادات المؤتمر وهي قليلة جدا الانضمام للشرعية والالتحاق بصفوف الجيش الوطني في مأرب، فيما آثر آخرين الصمت تحت سطوة المليشيا.
وفي أول اجتماع لعدد من أعضاء اللجنة العامة لحزب المؤتمر في صنعاء، تم اختيار صادق أمين أبو راس، كقائم بأعمال رئيس الحزب، خلفا لصالح، وأعلن البيان الصادر عن الاجتماع، استمرار الحزب في موقفه الرافض للحرب ضد الانقلابيين.
هناك جناج ثالث، يحاول الانخراط في أجندة إقليمية معادية للحوثيين، لكنها أبعد ما تكون عن الشرعية وأهداف استعادة الدولة المنهوبة.
المبادئ ليست قابلة للتقسيم. هكذا خاطب رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر قيادات المؤتمر في تغريداته الأخيرة. مؤكدا أن الالتحاق بصف الشرعية الدستورية هو المسار الصحيح لاستعادة الدولة، والحفاظ على الجمهورية والوحدة.
وقال بن دغر إن الالتحاق بصف الشرعية هو التوجه الوطني الحقيقي لمواجهة المليشيا المدعومة من إيران.
يبدو ان هذه الدعوات غير كافية لبعض قيادات المؤتمر، حتى باتت مثار نقد وسخط من أنصار الشرعية ذاتها. يرى هؤلاء ان الشرعية أهملت أنصارها الحقيقيين، وراحت تغدق أموالها على من يعتبروهم "المؤلفة قلوبهم".
وفي مناطق خاضعة لسيطرة الشرعية، لا يزال ناشطون تابعون للرئيس السابق، يكيلون الاتهامات والادعاءات الكاذبة ضد قيادة الشرعية. يقدمون الخدمات للمليشيا ويستلمون المقابل من الشرعية.
ظهور العميد طارق محمد عبد الله صالح لأول مرة منذ أحداث المواجهات العسكرية في صنعاء مع الحوثيين، شكل أيضا مناسبة آخرى للجدل.
لم يقدم الرجل جديدا في خطابه المقتضب سوى كونه لا يزال خصما للشرعية وفي المناطق الخاضعة لسيطرتها. أكثر من ذلك، ظهر في موكب ضخم بحماية طائرات الأباتشي الإماراتية، ما لفت الانتباه إلى الدور المناط الذي يراد له الاستمرار فيه.
تحاول الإمارات تدوير مخلفات الرئيس السابق بعد ان فشلت الاستثمار في الرأس الكبير. ويبدو ان هناك رغبة عالية للإستجابة من كوادر الحزب.
تفريط حزب المؤتمر بالفرصة الجديدة سيجر عليه عواقب وخيمة. يقول وزير الخارجية عبد الملك المخلافي أنه بعد مقتل صالح من قبل الحوثيين شركائه السابقين تخلص الموتمر من ثقالة صالح وولدت أمامه فرصة جديدة.
مؤكدا ان اصرار بعض قياداته على الإبقاء على إرث صالح وعائلته كثقالة سيؤدي إلى ضياع هذه الفرصة وتمزق الموتمر وسيبقى حزب عائلي وليس حزب حقيقي، حسب تعبيره.
هل سيتخلص المؤتمر من هذه الثقالة؟. الاستمرار في ذات الطريق يؤدي إلى الخيار الثاني، وهو التمزق والتشظي وقد بدت أماراته واضحة للعيان خلال الفترة القليلة الماضية.
في حين لا يزال التيار الذي يمثله الرئيس هادي ورئيس الحكومة غير معبرا عن نفسه كحزب قادر على الحشد والتنظيم وجديرا بوراثة تركة الرئيس السابق.